ولو لم يوجد من يرضى بأُجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحج واجباً (١) بل وإن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثّلث ، ولا يجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى بأُجرة المثل أو أقل ، بل لا يجوز لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميت في الواجب والعمل بمقتضى الوصيّة في المندوب
______________________________________________________
به ، فإنه لو تبرع أحد بالدين لا يجب على الوصي بل لا يجوز له إعطاء المال للدائن لانتقال المال إلى الورثة ، ولا يجوز لأحد التصرف فيه بدون رضاهم ، لأنّ المفروض فراغ ذمّة الميت فلا موضوع لأداء الدّين عنه.
وأمّا الثاني : فلا يجب على الوصي الصبر حتى يأتي به المتبرع توفيراً للورثة ، بل له أن يعطي الحج قبل إتيان المتبرِّع به ولا سيما إذا أراد التأخير إلى سنة أُخرى ، لأنّ المال قبل الإتيان بالحج لم ينتقل إلى الورثة بل هو باق على ملك الميت وإنما ينتقل إلى الورثة بعد الأداء ، ولا يجب على الوصي السعي لتحصيل النفع للورثة بإيجاد موضوع الإرث. والحاصل : القدر المسلم هو عدم جواز تفويت حق الورثة أو مزاحمتهم ، وأمّا إيجاد الموضوع لإرثهم فغير واجب ، فالصبر إلى أن يأتي المتبرع بالحج أو يؤدي الدّين غير لازم ، بل ليس للميت أن يوصي على هذا النحو وإنما له الوصية بالحج عنه ما لم يؤت بالواجب لا ما لم يتبرع به أحد.
(١) إذ لا موجب للتأخير بعد ما كان الواجب تفريغ ذمّة الميت في هذه السنة لأنّ الحج واجب فوري ، والثابت في ذمّته نفس الحج لا قيمته فيجب دفع الأزيد هذا كلّه في الحج الواجب الأصلي.
وأمّا الحج المندوب في نفسه وإن عرضه الوجوب بالوصية فإن لم يعيّن الأُجرة فاللّازم الاقتصار على اجرة المثل للانصراف إليها ، وإن وجد الأقل تعين ولا مجال للتصرّف في الأزيد ، وأمّا الانصراف إلى أُجرة المثل فقد عرفت أنه لنفي الأزيد لا الأقل.
وأمّا لو عيّن الأُجرة فتارة يعيّن الأُجرة المتعارفة وأُخرى يعيّن الأقل منها.