عليهم ، وعلى ما علّمه من أحوالهم ، وعرّفه فضلهم ، فقال : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) شكرا على ما أنعم ، بأن وفّقنا للإيمان والنصرة على الفجرة ، وعلى هلاك الأمم الكفرة (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) اصطفاهم الله واجتباهم على بريّته. وهم الأنبياء.
وعن ابن عبّاس : هم أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعن الحسن : هم أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. ومعنى السلام عليهم أنّهم سلموا ممّا عذّب الله به الكفّار ، وعن عليّ بن إبراهيم (١) : هم آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : هو خطاب بأن يحمده على هلاك كفرة قومه ، ويسلّم على من اصطفاه بالعصمة عن الفواحش والنجاة من الهلاك.
وقيل : هو متّصل بما قبله ، وأمر بالتحميد على الهالكين من كفّار الأمم ، والصلاة على الأنبياء وأشياعهم الناجين.
وفيه تعليم حسن ، وتوقيف على أدب جميل ، وبعث على التيمّن بالذكرين ، والتبرّك بهما ، والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين وإصغائهم إليه.
ولقد توارث العلماء والخطباء والوعّاظ كابرا عن كابر هذا الأدب ، فحمدوا الله عزوجل وصلّوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمام كلّ علم مفاد ، وقبل كلّ عظة وتذكرة ، وفي مفتتح كلّ خطبة. وتبعهم المترسّلون ، فأجروا عليه أوائل كتبهم في الفتوح والتهاني ، وغير ذلك من الحوادث الّتي لها شأن.
ثمّ قال سبحانه مخاطبا للمشركين : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) يا أهل مكّة! ءالله خير لمن عبده ، أم الأصنام لعابديها؟! وهذا إلزام للحجّة على المشركين بعد ذكر هلاك الكفّار ، وتهكّم بهم ، وتسفيه لرأيهم ، إذ من المعلوم أن لا خير فيما أشركوه أصلا ، حتّى يوازن بينه وبين من هو مبدأ كلّ خير ومالكه.
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ٢ : ١٢٩.