الأوّل ، وبدل على الثاني (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) من بصر القلب ، أي : تعلمون أنّها فاحشة لم تسبقوا إليها ، وأنّ الله إنّما خلق الأنثى للذكر ، فهي مضادّة لله في حكمته وحكمه. وعلمكم بذلك أعظم لذنوبكم ، وأدخل في القبح والسماجة ، فيكون أفحش. أو تبصرون آثار العصاة قبلكم ، وما نزل بهم ، واقتراف القبائح من العالم بقبحها أقبح. أو يبصرها بعضكم من بعض ، لأنّهم كانوا في ناديهم يرتكبونها معلنين بها.
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً) بيان لإتيانهم الفاحشة. وتعليله بالشهوة للدلالة على قبحه ، والتنبيه على أنّ الحكمة في المواقعة طلب النسل لا قضاء الوطر. (مِنْ دُونِ النِّساءِ) اللّاتي خلقن لذلك (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) تفعلون فعل من يجهل قبحها مع علمكم بذلك. أو تجهلون العاقبة. أو أراد بالجهل أن يكون كمن كان سفيها لا يميّز بين الحسن والقبيح. والتاء فيه لكون الموصوف به في معنى المخاطب.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) كلّهم (مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) يتنزّهون عن إتيان الرجال في أدبارهم ، أو عن الأقذار ، فينكرون هذا العمل القذر ، ويغيظنا إنكارهم. أو يعدّون فعلنا قذرا. وعن ابن عبّاس : هو استهزاء منهم.
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها) جعلناها (مِنَ الْغابِرِينَ) قدّرنا كونها من الباقين في العذاب.
(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) وهو الحجارة (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) الّذين أبلغهم لوط النذارة ، وأعلمهم بموضع المخافة ليتّقوها فخالفوها.
واعلم أنّ الله سبحانه لمّا قصّ قصص الأنبياء على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الدالّة على كمال قدرته وعظم شأنه ، وما خصّ به رسله من الآيات الكبرى ، والانتصار من الأعداء ، أمره بتحميده والسلام على المصطفين من عباده ، شكرا على ما أنعم