كما أنّ معنى ما في البيت : إن كانت اليعافير أنيسا ففيها أنيس ، بتّا للقول بخلوّها عن الأنيس.
أو متّصل (١) ، على أنّ المراد ممّن في السماوات والأرض من تعلّق علمه بهما ، واطّلع عليهما اطّلاع الحاضر فيهما ، فإنّه يعمّ الله تعالى وأولي العلم من خلقه. وهو موصول أو موصوف.
(وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) متى يحشرون؟ مركّبة من «أيّ» و «آن».
والضمير لـ «من». وقيل : للكفرة.
قيل : نزلت هذه الآية في المشركين ، حين سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن وقت الساعة.
ولمّا ذكر أنّ العباد لا يعلمون الغيب ، ولا يشعرون بالبعث الكائن ووقته الّذي يكون فيه ، وكان هذا بيانا لعجزهم ، ووصفا لقصور علمهم ، وصل به الكلام الآخر ، وهو قوله : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) دلالة على أنّ عندهم عجزا أبلغ منه ، وهو أنّهم يقولون للكائن الّذي لا بدّ أن يكون ـ وهو وقت جزاء أعمالهم ـ : لا يكون ، مع أنّ عندهم أسباب معرفة كونه واستحكام العلم به.
ويحتمل أن يكون وصفهم باستحكام العلم تهكّما بهم ، كما تقول لأجهل الناس : ما أعلمك! على سبيل الهزؤ.
وقيل : «أدرك» بمعنى : انتهى واضمحلّ ، من قولهم : أدركت الثمرة ، لأن تلك غايتها الّتي عندها تعدم.
ثمّ أكّد عدم علمهم رأسا بالإضراب الثاني والثالث ، وهو قوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) كمن تحيّر في الأمر لا يجد عليه دليلا (بَلْ هُمْ مِنْها) عن معرفتها (عَمُونَ) من عمى القلب ، لزعمهم التدبّر والتفكّر. يعني : أنّهم شكّوا وعموا عن
__________________
(١) عطف على قوله : الاستثناء منقطع ، قبل سبعة أسطر.