ولأنّ المعنى : كيف كان آخر أمرهم؟ وهو أنّ الله أهلكهم ، وخرّب ديارهم.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) على تكذيبهم وإعراضهم (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ) في حرج صدر. وقرأ ابن كثير بكسر الضاد. وهما لغتان. يقال : ضاق الشيء ضيقا وضيقا. (مِمَّا يَمْكُرُونَ) من مكرهم وكيدهم لك ، ولا تبال بذلك ، فإنّ الله يعصمك من الناس.
(وَيَقُولُونَ) استبعادا واستنكارا (مَتى هذَا الْوَعْدُ) العذاب الموعود (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بأنّه يكون.
(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) تبعكم ولحقكم. واللام مزيدة للتأكيد ، كالباء في (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) (١). أو الفعل مضمّن معنى فعل يتعدّى باللام ، مثل : دنا لكم وأزف (٢) لكم (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) حلوله ، وهو عذاب يوم بدر.
و «عسى» و «لعلّ» و «سوف» في مواعيد الملوك كالجزم بها ، وإنّما يطلقونه إظهارا لوقارهم ، وأنّهم لا يعجّلون بالانتقام ، وإشعارا بأنّ الرمز منهم كالتصريح من غيرهم ، وتنبيها على وثوقهم بأن عدوّهم لا يفوتهم ، وعليه جرى وعد الله ووعيده ، فإنّه مالك الملوك.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) بتأخير عقوبتهم على المعاصي ، وعدم المعاجلة بها. والفضل والفاضلة : الإفضال ، وجمعها فضول وفواضل. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) لا يعرفون حقّ النعمة فيه ، فلا يشكرونه ، بل بجهلهم يستعجلون وقوع العذاب. وهم قريش.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُ) ما تخفيه (صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) من عداوتك ، فيجازيهم عليه.
__________________
(١) البقرة : ١٩٥.
(٢) أي : اقترب.