وعن ابن عبّاس : أي : فمنها يصل الخير إليه. والمعنى : فله من تلك الحسنة من جهتها خير يوم القيامة. وهو الثواب والأمان من العقاب. فـ «خير» هاهنا اسم ، وليس بالّذي هو بمعنى الأفضل.
والمراد بالحسنة : كلّ فعل حسن في نظر الشرع ، فلا يكون ذلك إلّا بعد تحقّق الإيمان.
وعن ابن عبّاس وقتادة : أنّها كلمة الشهادة ، فإنّها أمّ الحسنات ورأسها.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام : يفعلون بالياء. والباقون بالتاء.
(وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) يعني به خوف عذاب يوم القيامة. وقرأ الكوفيّون بالتنوين ، لأنّ المراد فزع واحد من أفزاع ذلك اليوم. ونافع : يومئذ بفتح الميم مع الإضافة ، لأنّه أضيف إلى غير متمكّن. والباقون بكسرها. و «آمن» يتعدّى بالجارّ وبنفسه ، كقوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) (١).
عن الكلبي : إذا أطبقت النار على أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها ، وأهل الجنّة آمنون من ذلك الفزع.
وقال في الكشّاف : «الفرق بين الفزعين : أن الأوّل ما لا يخلو منه أحد عند الإحساس بشدّة تقع وهول يفجأ ، من رعب وهيبة ، وإن كان المحسن يأمن لحاق الضرر به ، كما يدخل الرجل على الملك بصدر هيّاب (٢) وقلب وجّاب ، وإن كانت ساعة إعزاز وتكرمة وإحسان وتولية. وأمّا الثاني : فالخوف من العذاب» (٣).
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) قيل : بالشرك ، فإنّه أمّ السيّئات ورأسها. كذا روي عن ابن عبّاس وأكثر المفسّرين. وعند غيرهم : المراد كلّ معصية كبيرة. (فَكُبَّتْ
__________________
(١) الأعراف : ٩٩.
(٢) هياب أي : خائف. وقلب وجاب : كثير الخفوق والاضطراب.
(٣) الكشاف ٣ : ٣٨٨.