بريقه فبرئت. وقيل : لمّا نظرت إلى وجهه برئت ، فقالت : إنّ هذه لنسمة مباركة.
فهذا أحد ما عطفهم عليه. فقال الغواة من قومه : هو الصبيّ الّذي نحذر منه ، فأذن لنا في قتله. فهمّ بذلك (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) لفرعون بعد أن سمعت هذا القول من الغواة ، وفهمت همّه بقتله (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) هو قرّة عين لنا ، لما شاهدنا منه ، من نور بين عينيه ، وارتضاعه من إبهامه لبنا ، وبرء البرصاء بريقه.
وفي الحديث : «إنّ فرعون قال لامرأته عند هذا القول : لك لا لي. ولو قال : هو لي ، كما قال : هو لك ، لهداه الله كما هداها».
وكانت آسية امرأة من بني إسرائيل استنكحها فرعون. وهي من خيار النساء ، ومن بنات الأنبياء. وكانت امّا للمؤمنين ، ترحمهم وتتصدّق عليهم ، ويدخلون عليها.
وروي : أنّ فرعون لمّا نظر إلى موسى غاظه ذلك ، وقال : كيف أخطأ هذا الغلام الذبح؟ قالت آسية وهي قاعدة إلى جنبه : هذا الوليد أكبر من ابن سنة ، وإنّما أمرت أن يذبح الولد لهذه السنة.
(لا تَقْتُلُوهُ) خطاب بلفظ الجمع للتعظيم. أو خطاب لفرعون والمأمورين بقتله. (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) فإنّ فيه مخايل اليمن ودلائل النفع (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أو نتبنّاه ، فإنّه أهل للتبنّي (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حال من الملتقطين في قوله : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ). أو من القائلة والمقول له ، أي : وهم لا يشعرون أنّهم على الخطأ في التقاطه ، أو في طمع النفع منه والتبنّي له.
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) صفرا من العقل ، لما دهمها من فرط الخوف والجزع والدهش ، حين سمعت بوقوعه في يد فرعون ، كقوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١) أي : خلاء لا عقول فيها. وذلك أنّ القلوب مراكز العقول ، ألا ترى إلى
__________________
(١) إبراهيم : ٤٣.