قليل أو كثير (فَقِيرٌ) محتاج. عدّي «فقير» بـ «إلى» ، إلّا أنّه عدّي هاهنا باللام ، لأنّه ضمّن معنى : سائل وطالب.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «والله ما سأله إلّا خبزا يأكله ، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد كانت خضرة البقلة ترى من شفيف (١) صفاق بطنه ، لهزاله ، وتشذّب لحمه».
وعن ابن عبّاس : ما سأل نبيّ الله إلّا خبزا يقيم به صلبه.
وقيل : معناه : إنّي فقير من الدنيا ، لأجل ما أنزلت إليّ من خير الدارين ، وهو النجاة من الظالمين ، لأنّه كان عند فرعون في ملك وثروة ، فقال ذلك رضا بالبدل السنيّ ، وفرحا به ، وشكرا له. وكان الظلّ ظلّ شجرة.
وروي : أنّهما لمّا رجعتا إلى أبيهما قبل الناس ، وأغنامهما حفّل (٢) بطان ، قال لهما : ما أعجلكما؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا. فقال :
(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى
__________________
(١) الشفيف : ما رقّ فظهر ما وراءه. والصفاق : الجلد الأسفل الذي يمسك البطن. وتشذّب لحمه : تفرّق.
(٢) الحفّل جمع حافل. يقال : ضرع حافل ، أي : ممتلئ لبنا. والبطان من : بطن يبطن بطنا ، إذا عظم بطنه من الشبع.