وقيل : إنّ شعيبا كانت عنده عصيّ الأنبياء عليهمالسلام ، فقال لموسى عليهالسلام بالليل : ادخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصيّ. فأخذ عصا هبط بها آدم عليهالسلام من الجنّة ، ولم يزل الأنبياء يتوارثونها حتّى وقعت إلى شعيب ، فمسّها وكان مكفوفا ، فضنّ بها.
فقال : غيرها ، أي : خذ غيرها. فما وقع في يده إلّا هي سبع مرّات ، فعلم أنّ له شأنا.
وقيل : أخذها جبرئيل بعد موت آدم ، فكانت معه حتّى لقي بها موسى ليلا.
وقيل : أودعها في يد شعيب ملك في صورة رجل ، فدفعها إلى موسى. ثمّ ندم ، لأنّها وديعة ، فتبعه ليستردّها ، فضنّا بها ، ورضيا أن يحكم بينهما أوّل طالع. فأتاهما الملك فقال : ألقياها فمن رفعها فهي له. فعالجها الشيخ فلم يطقها ، ورفعها موسى.
وعن الحسن : ما كانت إلّا عصا من شجر اعترضها اعتراضا. وعن الكلبي : من شجرة العوسج.
وروى عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «كانت عصا موسى قضيب آس من الجنّة ، أتاه به جبرئيل لمّا توجّه تلقاء مدين».
وروي : أنّ شعيبا لمّا أرسل موسى إلى المرعى مع الأغنام ، قال له : إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك ، فإنّ الكلأ وإن كان بها أكثر ، إلّا أنّ فيها تنّينا ، أخشاه عليك وعلى الغنم. فأخذت الغنم ذات اليمين ، ولم يقدر على كفّها. فمشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله ، فنام فإذا بالتنّين قد أقبل ، فحاربته العصا حتّى قتلته وعادت إلى جنب موسى ، فلمّا أبصرها دامية والتنّين مقتولا ارتاح لذلك. ولمّا رجع إلى شعيب مسّ الغنم ، فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن. فأخبره موسى ، ففرح وعلم أنّ لموسى والعصا شأنا. وقال له : إنّي وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كلّ أدرع (١) ودرعا. فأوحي إليه في المنام : أن اضرب بعصاك
__________________
(١) درع الفرس وغيره : اسودّ رأسه ، وابيضّ سائره. فهو أدرع. والأنثى : درعاء.