وحمزة : يصدّقني (١) بالرفع ، على أنّه صفة. وعلى التقديرين ، ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسى ، فإنّ سحبان وباقلا (٢) يستويان فيه ، بل إنّما هو أن يلخّص بلسانه الحقّ ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفّار ، فذلك جار مجرى التصديق المفيد ، كما يصدّق القول بالبرهان. ألا ترى إلى قوله : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً).
وقيل : المراد تصديق القوم لتقريره وتوضيحه ، ولكنّه أسند إليه إسناد الفعل إلى السبب. والدليل عليه قوله : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) ولساني لا يطاوعني عند المحاجّة.
(قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) سنقوّيك به ، فإنّ قوّة الشخص بشدّة اليد على مزاولة الأمور. ولذلك يعبّر عنها باليد ، وشدّتها بشدّة العضد ، فإنّ العضد قوام اليد ، وبشدّتها تشتدّ اليد. ومن هاهنا يقال في دعاء الخير : شدّ الله عضدك ، وفي ضدّه : فتّ (٣) الله في عضدك.
(وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) غلبة وتسلّطا ، أو حجّة واضحة (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) إلى الإضرار بكما باستيلاء أو حجاج (بِآياتِنا) متعلّق بمحذوف ، أي : اذهبا بآياتنا. أو بـ «نجعل» أي : نسلّطكما بها. أو بمعنى «لا يصلون» ، أي : تمتنعون منهم بها. أو قسم جوابه «لا يصلون». أو بيان لـ «الغالبون» في قوله : (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ). لا صلة ، لامتناع تقدّم الصلة على الموصول. أو صلة له ، على أنّ اللام فيه للتعريف ، لا بمعنى الّذي. ولو تأخّر لم يكن إلّا صلة.
__________________
(١) وفي قراءة اخرى : يصدّقني ، بالجزم جوابا لـ : فأرسله.
(٢) اسمان لرجلين يضرب بهما المثل ، فسحبان مثل في الفصاحة ، وباقل مثل في العيّ والبلاهة.
(٣) أي : كسر قوّتك ، وفرّق عنك أعوانك.