الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (١). يعني : لا يبعث الله الرسل باختيار المرسل إليهم.
وقيل : «ما» موصولة مفعول لـ «يختار» ، والراجع إليه محذوف. والمعنى : ويختار الّذي كان لهم فيه الخير والصلاح.
(سُبْحانَ اللهِ) تنزيه لله أن ينازعه أحد ، أو يزاحم اختياره اختيار (وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) عن إشراكهم ، أو مشاركة ما يشركونه به.
ثمّ برهن على صحّة اختياره ، وفساد اختيار غيره عليه ، بقوله : (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) أي : ما يخفونه وما يظهرونه ، فإليه الاختيار ، ولا اختيار لغيره عليه.
وقيل : معناه : يعلم ما تخفي صدورهم من عداوة رسول الله ، وما يظهرون من الطعن فيه ، كقولهم : هلّا اختير عليه غيره في النبوّة.
(وَهُوَ اللهُ) المستحقّ للعبادة. ثمّ قرّر ذلك بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا أحد يستحقّها إلّا هو. ومثل ذلك قولك : الكعبة القبلة ، لا قبلة إلّا هي.
(لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) لأنّه المولي للنعم كلّها ، عاجلها وآجلها.
يحمده المؤمنون في الآخرة ابتهاجا بفضله ، والتذاذا بحمده. وهو قولهم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (٢). (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) (٣). كما يحمدونه في الدنيا تكليفا وتأدية لأداء شكره.
(وَلَهُ الْحُكْمُ) القضاء النافذ بين عباده ، بما يميّز به الحقّ من الباطل. قال ابن عبّاس : يحكم لأهل طاعته بالمغفرة والفضل ، ولأهل معصيته بالشقاء والويل. (وَإِلَيْهِ) وإلى جزائه وحكمه (تُرْجَعُونَ) يوم النشور.
__________________
(١) الزخرف : ٣١.
(٢) فاطر : ٣٤.
(٣) الزمر : ٧٤.