ثمّ رتّب على منكر الإعادة ومصدّقها الوعيد والوعد ، بقوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه ممّن هو مستحقّه ، من الكفّار ومنكري الإعادة (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) رحمته ممّن هو أهل لها ، من المؤمن المصدّق (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) وإلى حكمه وجزائه تردّون وترجعون.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) ربّكم ، أي : لا تفوتونه إن هربتم من حكمه ، ولستم بفائتين عنه إن فررتم من قضائه بالتواري (فِي الْأَرْضِ) أو الهبوط في مهاويها وأعماقها (وَلا فِي السَّماءِ) ولا بالتحصّن في السماء الّتي هي أفسح منها وأبسط ، كقوله : (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) (١). أو ولا بالاعتلاء في البروج والقلاع الذاهبة في السماء ، كقوله : (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) (٢). أو لا تعجزون أمره الجاري في السماء والأرض أن يجري عليكم البلاء.
وقيل : معناه : ولا من في السماء بمعجزين. فحذف «من» لدلالة الكلام عليه ، كما قال حسّان (٣) :
أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
فكأنّه قال : ومن يمدحه وينصره سواء.
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) يحرسكم عن بلاء يظهر من الأرض ، أو ينزل من السماء ، ويدفعه عنكم.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) بدلائل وحدانيّته ، أو بكتبه (وَلِقائِهِ) بالبعث (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) أي : ييأسون منها يوم القيامة ، كقوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ
__________________
(١) الرحمن : ٣٣.
(٢) النساء : ٧٨.
(٣) ديوان حسان (طبعة دار صادر) : ٩. وفيه : فمن يهجو ...