حاله فيهم بحال أبيه إبراهيم ، وقعت هذه الجملة معترضة بين قصّته.
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) من مادّة وغيرها. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالتاء ، على تقدير القول. (ثُمَّ يُعِيدُهُ) إخبار بالإعادة بعد الموت.
معطوف على «او لم يروا» لا على «يبدئ» ، فإنّ الرؤية غير واقعة عليه. ويجوز أن تؤوّل الإعادة ، بأن ينشئ في كلّ سنة مثل ما كان في السنة السابقة ، من النبات والثمار ونحوهما. فحينئذ تعطف على «يبدئ».
(إِنَّ ذلِكَ) الإشارة إلى الإعادة ، أو إلى ما ذكر من الأمرين (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) إذ لا يفتقر في فعله إلى شيء.
(قُلْ) يا إبراهيم ، أو يا محمّد (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) على اختلاف الأجناس والصفات (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) بعد النشأة الّتي هي الإبداء ، فإنّ الإبداء والإعادة نشأتان ، من حيث إنّ كلّ واحد منهما اختراع وإخراج من العدم.
والإفصاح باسم الله ، مع إيقاعه مبتدأ بعد إضماره في «بدأ» ، والقياس عكسه ، للدلالة على أنّ المقصود بيان الإعادة ، لأنّ الكفّار ينكرونها.
والمعنى : أنّهم لمّا أقرّوا بالإبداء لزمهم أن يقرّوا بالإعادة ، فإنّها مثل الإبداء ، فإنّ من عرف بالقدرة على الإبداء ، ينبغي أن يحكم له بالقدرة على الإعادة ، لأنّها أهون ، فيقدر على النشأة الآخرة ، كما قدر على النشأة الأولى. فللدلالة على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ. والكلام في هذا العطف ما مرّ (١). وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : النّشاءة ، كالرآفة.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لأنّ قدرته لذاته ، ونسبة ذاته إلى كلّ الممكنات على السواء ، فيقدر على النشأة الاخرى ، كما قدر على النشأة الأولى.
__________________
(١) في ذيل قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ).