هو بريء من الظلم. وأراد بالجدال إظهار الشفقة عليه ، وما يجب للمؤمن من التحزّن لأخيه ، والتشمرّ في نصرته ، والخوف من أن يمسّه أذى وضرر.
(قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ) نحن أعلم منك وأخبر بحال لوط وحال قومه ، وامتيازه منهم الامتياز البيّن ، وأنّه لا يستأهل ما يستأهلون ، فهوّن على نفسك الخطب ، فإنّا نخلّصه بإخراجه وأهله منها ، ثمّ نهلك قومه. فهذا تسليم لقوله ، مع ادّعائهم مزيد العلم منهم بلوط ، وأنّهم ما كانوا غافلين عن حاله. وجواب عنه بتخصيص الأهل بمن عداه وأهله. وقرأ أهل الكوفة غير عاصم ويعقوب : لننجينّه ، خفيفة الجيم ، ساكنة النون. (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) الباقين في العذاب لا تنجو منه ، أو في القرية.
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) جاءته المساءة والغمّ بسببهم ، مخافة أن يقصدهم قومه بسوء ، أي : ساء مجيئهم لمّا رآهم في أحسن صورة ، لما كان يعلمه من خبث فعل قومه. و «أن» مزيدة لتأكيد الفعلين واتّصالهما.
(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاق لوط بشأن الملائكة وتدبير أمرهم ذرعه ، أي : طاقته. يعني : فقدت طاقته في صيانتهم عن قومه ، فإنّ ضيق الذرع عبارة عن فقد الطاقة. ومثل ذلك قولهم : ضاقت يده. وبإزائه : رحب ذرعه بكذا ، إذا كان مطيقا له.
والأصل فيه : أنّ الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع ، فضرب ذلك مثلا في العجز والقدرة.
ولمّا رأى الملائكة حزنه وضجرته ، وضيق ذرعه في دفع القوم عنهم (وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ) على تمكّنهم منك ومنّا (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) من العذاب (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) الباقين في العذاب. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : منجوك بالتخفيف. ووافقهم أبو بكر فيه. وموضع الكاف الجرّ على المختار. ونصب «أهلك» بإضمار فعل ، أو بالعطف على محلّها باعتبار الأصل.
(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) أي : عذابا (مِنَ السَّماءِ) سمّي