(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) أي : المتوغّلون في الظلم بالمكابرة ، بعد وضوح دلائل إعجازها.
(وَقالُوا) أي : كفّار مكّة (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) أي : آية مقترحة منه ، مثل ناقة صالح ، وعصا موسى ، ومائدة عيسى عليهالسلام. وقرأ نافع وابن عامر والبصريّان وحفص : آيات.
(قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ينزّلها كما يشاء على وفق مصالح عباده ، في كلّ عصر من أعصار أنبيائه ، ولست أملكها فآتيكم بما تقترحونه (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ليس من شأني إلّا الإنذار ، وإبانته بما أعطيت من الآيات ، وليس لي أن أتخيّر على الله آياته ، فأقول : أنزل عليّ آية كذا دون آية كذا ، مع علمي أنّ الغرض من آياته ثبوت الدلالة ، والآيات كلّها في حكم آية واحدة في ذلك.
ثمّ قال : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) آية مغنية عمّا اقترحوه (أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) تدوم تلاوته في كلّ مكان وزمان عليهم متحدّين به ، فلا يزال معهم آية ثابتة لا تضمحلّ ، كما تزول كلّ آية بعد كونها. أو تكون في مكان دون مكان. أو أو لم يكف اليهود أنّا أنزلنا الكتاب يتلى عليهم ، بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الكتاب الّذي هو آية مستمرّة وحجّة مبيّنة (لَرَحْمَةً) لنعمة عظيمة لا يطاق شكرها ، لأنّ من تبعه وعمل به نال الثواب وفاز بالجنّة (وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وتذكرة لمن همّه الإيمان دون التعنّت.
وقيل : إنّ ناسا من المسلمين أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكتف قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود ، فلمّا أن نظر إليها ألقاها وقال : كفى بها ضلالة قوم أن يرغبوا عمّا جاءهم به نبيّهم إلى ما جاء به غير نبيّهم. فنزلت.
وفي هذه الآية دلالة على أنّ القرآن كاف في المعجز ، وأنّه في أعلى درجات