تأخيره إلى الأجل المسمّى (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) عاجلا (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) فجأة.
والمراد به الآخرة ، لما روي أنّ الله عزوجل وعد رسول الله أنّ قومه لا يستأصلهم ، وأن يؤخّر عذابهم إلى يوم القيامة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإتيانه.
ثمّ ذكر أنّ موعد عذابهم النار ، فقال : (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) ستحيط بهم يوم يغشاهم العذاب. أو هي كالمحيطة بهم في الدنيا ، لأنّ الكفر والمعاصي الّتي توجبها محيطة بهم. أو لأنّها مآلهم ومرجعهم لا محالة ، فكأنّها الساعة محيطة بهم. واللام للعهد ، على وضع الظاهر موضع المضمر ، للدلالة على موجب الإحاطة. أو للجنس فيكون استدلالا بحكم الجنس على حكمهم.
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) ظرف «لمحيطة». أو مقدّر بمثل : كان كيت وكيت.
(مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) أي : من جميع جوانبهم ، كقوله : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) (١). وقوله : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) (٢). لا أنّه يصل إلى موضع منهم دون موضع ، فلا يبقى جزء منهم إلّا وهو معذّب في النّار.
(وَيَقُولُ) الله عزوجل ، أو بعض ملائكته بأمره. وقرأ ابن كثير وابن عامر والبصريّون بالنون. (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي : جزاءه.
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
__________________
(١) الزمر : ١٦.
(٢) الأعراف : ٤١.