حسب المصلحة. وأن يريد ويقدّر لمن يشاء. فوضع الضمير موضع من يشاء ، لأنّ من يشاء منهم غير معيّن ، فكان الضمير مبهما مثله. (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يعلم مصالحهم ومفاسدهم.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ) معترفين بأنّه الموجد للممكنات بأسرها ، أصولها وفروعها ، ثمّ إنّهم يشركون به بعض مخلوقاته الّذي لا يقدر على شيء من ذلك.
(قُلِ) يا محمّد عند ذلك (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على ما عصمك من مثل هذه الضلالة. أو على تصديقك وإظهار حجّتك. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) فيتناقضون ، حيث يقرّون بأنّه المبدئ لكلّ ما عداه ، ثمّ إنّهم يشركون به الأصنام. وقيل : لا يعقلون ما تريد بقولك : الحمد لله ، ولا يفطنون لم حمدت الله عند مقالتهم؟! ولمّا كانت الدنيا وما فيها ـ مع عظم سعتها ـ لا تزن عند الله جناح بعوضة ، أشار إليها تحقيرا وإزراء بقوله : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) ما هي ـ لسرعة زوالها عن أهلها ـ إلّا كما يلعب ويلهى به الصبيان ، يجتمعون عليه ، ويبتهجون به ساعة ، ثمّ يتفرّقون متعبين.
(وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ) يعني : الجنّة (لَهِيَ الْحَيَوانُ) لهي دار الحياة ، أو ذات الحياة الحقيقيّة ، لامتناع طريان الموت عليها. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. أو جعلت في ذاتها حياة للمبالغة.
والحيوان مصدر : حيي. سمّي به ذو الحياة. وقياسه : حييان ، فقلبت الياء الثانية واوا. وهو أبلغ من الحياة ، لما في بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحياة ، كما أنّ الموت سكون ، ولذلك اختير عليها هاهنا.
(لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لم يؤثروا عليها الدنيا الّتي أصلها عدم الحياة ، والحياة فيها عارضة سريعة الزوال.