نعمة النجاة ذريعة إلى ازدياد طاعة الله بالإخلاص ، لا إلى التمتّع والتلذّذ.
أو لام الأمر على التهديد. ونحوه قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١). ويؤيّده قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي ، وقالون عن نافع : وليتمتّعوا بالسكون.
(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة ذلك حين يعاقبون.
(أَوَلَمْ يَرَوْا) يعني : أهل مكّة (أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) أي : جعلنا بلدهم آمنا أهله عن القتل والسبي ، مصونا عن النهب والتعدّي (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ) ويختلسون قتلا وسبيا (مِنْ حَوْلِهِمْ) إذ كانت العرب حول مكّة يغزو بعضهم بعضا ، ويتغاورون ويتناهبون ، وأهل مكّة قارّون آمنون فيها ، لا يغزون ولا يغار عليهم ، مع قلّتهم وكثرة العرب. فذكّرهم الله هذه النعمة الخاصّة عليهم ، ليذعنوا له بالطاعة ، وينزجروا عن عبادة غيره.
(أَفَبِالْباطِلِ) أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها ممّا لا يقدر عليه إلّا الله بالصنم أو بالشيطان (يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) حيث أشركوا به غيره. وتقديم الصلتين للاهتمام ، أو الاختصاص على طريق المبالغة.
ثمّ وبّخهم بقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بأن زعم أنّ له شريكا (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ) يعني : الرسول ، أو الكتاب. وفي «لمّا» تسفيه لهم بأن لم يتوقّفوا ولم يتأمّلوا قطّ حين جاءهم ، بل سارعوا إلى التكذيب أوّل ما سمعوه.
(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) تقرير لثوائهم. وحقيقته أنّ الهمزة همزة الإنكار دخلت على النفي ، فرجع إلى معنى : ألا يستوجبون الثواء فيها ، وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله تعالى ، وكذّبوا بالحقّ مثل هذا التكذيب؟! أو تقرير
__________________
(١) فصّلت : ٤٠.