وقيل : معناه : بسبب فضله ، لأنّه خلقهم وهداهم ومكّنهم وأزاح علّتهم ، حتّى استحقّوا الثواب.
وتكرير (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وترك الضمير إلى الصريح ، لتقرير أنّه لا يفلح عنده إلّا المؤمن لصالح.
وقوله : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) يدلّ بمنطوقه على إثبات البغض لهم ، كما يدلّ بمفهومه على إثبات المحبّة للمؤمنين.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ) الشمال والصبا والجنوب ، فإنّها رياح الرحمة ، وأمّا الدبور فريح العذاب. ومنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهمّ اجعلها رياحا ، ولا تجعلها ريحا». وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : الريح ، على إرادة الجنس.
(مُبَشِّراتٍ) بالمطر ، فكأنّها ناطقات بالبشارة ، لما فيها من الدلالة عليه.
وإرسالها تحريكها وإجراؤها في الجهات المختلفة ، تارة شمالا ، وتارة جنوبا ، وتارة صبا ، على حسب ما يعلم الله في ذلك من المصلحة.
(وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) يعني : المنافع التابعة لها. وهي : نزول المطر ، والخصب التابع لنزول المطر المسبّب عنها ، والروح الّذي مع هبوبها ، وزكاء الأرض. قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض». والمؤتفكات : هي الرياح الّتي تختلف مهابّها. وإزالة العفونة من الهواء ، وتذرية الحبوب ، وغير ذلك.
والعطف على علّة محذوفة دلّ عليها «مبشّرات». كأنّه قيل : ليبشّركم وليذيقكم. أو عليها باعتبار المعنى ، فإنّها في معنى : ليبشّركم. ويجوز أن يتعلّق بمحذوف ، تقديره : ليكون كذا وكذا أرسلناها وليذيقكم.
(وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) عند هبوبها. وإنّما قال : «بأمره» لأنّ الريح قد تهبّ ولا تكون مؤاتية ، فلا بدّ من إرساء السفن والاحتيال لحبسها ، وربما عصفت