يوم القيامة». ثمّ تلا قوله : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
وقد يوقف على «حقّا» على أنّه متعلّق بالانتقام. والمعنى : وكان الانتقام منهم حقّا ، ثمّ يبتدأ : (عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
ثمّ قال تفسيرا لما أجمله في الآية المتقدّمة : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) فتهيّجه وتزعجه (فَيَبْسُطُهُ) متّصلا تارة (فِي السَّماءِ) في سمتها ، كقوله : (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) (١) (كَيْفَ يَشاءُ) سائرا أو واقفا ، مطبقا وغير مطبق ، من جانب دون آخر ، إلى غير ذلك.
(وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) أي : قطعا متفرّقة تارة اخرى. وقيل : متراكبا بعضه على بعض حتّى يغلظ. وقرأ ابن عامر بالسكون على أنّه مخفّف ، أو جمع كسفة ، أو مصدر وصف به.
(فَتَرَى الْوَدْقَ) أي : القطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) في التارتين جميعا (فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يعني : بلادهم وأراضيهم (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يفرحون لمجيء الخصب ، أو يبشّر بعضهم بعضا به.
(وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) المطر (مِنْ قَبْلِهِ) تكرير للتأكيد ، كقوله : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) (٢) (لَمُبْلِسِينَ) لآيسين.
ومعنى التأكيد فيه : الدلالة على أنّ عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد ، فاستحكم يأسهم ، وتمادى إبلاسهم (٣). وقيل : الضمير للسحاب ، أو إرسال السحاب.
(فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ) أي : أثر الغيث ، من النبات والأشجار وأنواع الثمار. ولذلك جمعه ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص. (كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ)
__________________
(١) إبراهيم : ٢٤.
(٢) الحشر : ١٧.
(٣) الإبلاس : اليأس من الخير ، وقلّة الخير ، والانكسار غمّا وحزنا.