الحديث الّذي اللهو منه.
والاشتراء إمّا من قوله : (اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) (١) أي : استبدلوه منه واختاروه عليه. وعن قتادة : اشتراؤه استحبابه ، واختياره حديث الباطل على حديث الحقّ.
وإمّا من الشراء ، على ما روي أنّها نزلت في النضر بن الحارث ، وكان يتّجر إلى فارس ، فيشتري كتب الأعاجم فيحدّث بها قريشا ، ويقول : إن كان محمّد يحدّثكم بحديث عاد وثمود ، فأنا أحدّثكم بأحاديث رستم وبهرام والأكاسرة وملوك الحيرة ، فيستحسنون حديثه ، ويتركون استماع القرآن.
وروي : كان يشتري المغنّيات ، فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلّا انطلق به إلى قينته ، فيقول : أطعميه واسقيه وغنّيه. ويقول : هذا خير ممّا يدعوك إليه محمّد من الصلاة والصيام والمقاتلة بين يديه.
ويصحّح هذه الرواية ما روى عن أبي امامة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا يحلّ تعليم المغنيّات ، ولا بيعهنّ ، وأثمانهنّ حرام. وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي) الآية. والّذي نفسي بيده ما رفع رجل عقيرته (٢) يتغنّى إلّا ارتدفه شيطانان ، يضربان أرجلهما على ظهره وصدره حتّى يسكت».
وأكثر المفسّرين على هذا القول. وهو منقول عن ابن عبّاس وابن مسعود وغيرهما. ومرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن الرضا عليهمالسلام.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيّين يوم القيامة. قيل : وما الروحانيّون يا رسول الله؟ قال : قرّاء أهل الجنّة».
__________________
(١) آل عمران : ١٧٧.
(٢) العقيرة : صوت المغنّي والباكي والقارئ. يقال : رفع عقيرته ، أي : صوته.