الأديان كلّها.
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) لا تمله عن الناس ، ولا تولّهم صفحة وجهك تكبّرا منك واستخفافا لهم ، كما يفعله المتكبّرون ، بل أقبل عليهم بوجهك تواضعا.
من الصعر ، وهو داء يعتري البعير فيلوي عنقه. وقرأ نافع وحمزة والكسائي : ولا تصاعر ، بمعناه.
(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي : فرحا. مصدر وقع موقع الحال ، أي : تمرح مرحا. أو لأجل المرح. وهو البطر والأشر. (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) علّة للنهي. وتأخير الفخور ، وهو مقابل للمصعّر خدّه ، والمختال مقابل للماشي مرحا ، لتوافق رؤوس الآي.
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي : توسّط في المشي بين الدبيب والإسراع ، فلا تدبّ دبيب (١) المتماوتين ، ولا تثب وثيب الشطّار. وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن».
(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) وانقص من الصوت واقصر. من قولك : فلان يغضّ من فلان ، إذا قصر به ووضع منه. (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أوحشها. من قولك : شيء نكر ، إذا أنكرته النفوس واستوحشت منه ونفرت. (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) أوّله زفير ، وآخره شهيق. والحمار مثل في الذمّ البليغ ، سيّما نهاقه. ولذلك عدّ في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة ، فيكنّى عنه فيقال : الطويل الأذنين ، كما يكنّى عن الأشياء المستقذرة ، لاستفحاشهم لذكرها. ففي تمثيل الصوت المرتفع بصوته ، ثمّ إخراجه مخرج الاستعارة ، مبالغة شديدة في الذمّ.
__________________
(١) دبّ يدبّ دبيبا : مشى كالحيّة ، أو على اليدين والرجلين كالطفل. وثب يثب وثيبا : نهض وقام ، وقفز وطفر. والشطّار جمع الشاطر ، وهو المتّصف بالدهاء والخباثة.