قال الزجّاج : يروى أنّ ابن لقمان قال له : أرأيت الحبّة تكون في مقل البحر ـ أي : مغاصه ـ يعلمها الله؟ فقال : إنّ الله يعلم أصغر الأشياء في أخفى الأمكنة ، لأنّ الحبّة في الصخرة أخفى منها في الماء.
وقيل : الصخرة هي الّتي تحت الأرض. وهي السجّين يكتب فيها أعمال الكفّار.
روى العيّاشي بالإسناد عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «اتّقوا المحقّرات من الذنوب ، فإنّ لها طالبا ، لا يقولنّ أحدكم : أذنب واستغفر الله ، إنّ الله تعالى يقول : (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) الآية».
(إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) يصل علمه إلى كلّ خفيّ (خَبِيرٌ) عالم بكنهه. وعن قتادة : لطيف باستخراجها ، خبير بمستقرّها».
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) تكميلا لنفسك (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ) وهو كلّ ما حسن فعله عقلا وشرعا. (وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وهو كلّ ما قبح فعله عقلا وشرعا. وكلاهما لتكميل الغير. (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) من الشدائد خصوصا في باب الحسبة.
(إِنَّ ذلِكَ) الإشارة إلى الصبر ، أو إلى كلّ ما أمر به (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ممّا عزمه الله تعالى من الأمور ، قطعه قطع إيجاب وإلزام. ومنه : عزمات الملوك ، وذلك أن يقول الملك لبعض من تحت يده : عزمت عليك إلّا فعلت كذا. وإذا قال ذلك لم يكن للمعزوم عليه بدّ من فعله ، ولا مندوحة في تركه. وحقيقته : أنّه من تسمية المفعول بالمصدر. وأصله من معزومات الأمور ، أي : من مقطوعاتها ومفروضاتها. ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الفاعل ، أي : من عازمات الأمور ، من قوله : فإذا عزم الأمر أي : جدّ.
وناهيك بهذه الآية مؤذنة بقدم هذه الطاعات ، وأنّها كانت مأمورا بها في سائر الأمم ، وأنّ الصلاة لم تزل عظيمة الشأن ، سابقة القدم على ما سواها ، موصى بها في