بأن جعله أسبابا محصّلة لمنافعكم (وَما فِي الْأَرْضِ) من البحار والأنهار والمعادن والدوابّ وغيرها ، بأن مكّنكم من الانتفاع بها ، بوسط أو بغير وسط.
(وَأَسْبَغَ) وأوسع وأتمّ (عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) هي : كلّ نفع قصد به الإحسان (ظاهِرَةً وَباطِنَةً) محسوسة ومعقولة ، ما تعرفونه وما لا تعرفونه. وقد مرّ شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة.
وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص : نعمه بالجمع والإضافة.
وقال صاحب المجمع : «الظاهرة ما لا يمكنكم جحده ، من خلقكم وإحيائكم وإقداركم ، وخلق الشهوة فيكم ، وغيرها من ضروب النعم. والباطنة : ما لا يعرفها إلّا من أمعن النظر فيها» (١).
وعن ابن عبّاس : الباطنة مصالح الدين والدنيا ، ممّا يعلمه الله وغاب عن العباد علمه.
وفي رواية الضحّاك عنه قال : «سألت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهما ، فقال : يا ابن عبّاس! أمّا ما ظهر فالإسلام ، وما سوّى الله من خلقك ، وما أفاض عليك من الرزق. وأمّا ما بطن فستر مساوئ عملك ، ولم يفضحك به. يا ابن عبّاس! إنّ الله تعالى يقول : ثلاثة جعلتهنّ للمؤمن ، ولم تكن له : صلاة المؤمنين عليه من بعد انقطاع عمله. وجعلت له ثلث ماله ، أكفّر به عنه خطاياه. والثالثة : سترت مساوئ عمله ، فلم أفضحه بشيء منه ، ولو أبديتها عليه لنبذه أهله فمن سواهم».
وعن الربيع : الظاهرة : نعم الجوارح ، والباطنة : نعم القلب. وعن عطاء : الظاهرة : تخفيف الشرائع ، والباطنة : الشفاعة.
وقيل : الظاهرة : نعم الدنيا ، والباطنة : نعم الآخرة. وعن مجاهد : الظاهرة : ظهور الإسلام ، والنصر على الأعداء ، والباطنة : الإمداد بالملائكة.
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٣٢٠.