(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) فقد تعلّق بأوثق ما يتعلّق به. والوثقى تأنيث الأوثق. وهو تمثيل للمتوكّل المشتغل بالطاعة ، بمن أراد أن يترقّى إلى شاهق جبل ، فتمسّك بأوثق عروة من حبل متين.
(وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) إذ الكلّ صائر إليه ، على وجه لا يكون لأحد التصرّف فيها بالأمر والنهي.
(وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ) فلا يهمّك (كُفْرُهُ) وكيده للإسلام ، فإنّه لا يضرّك في الدنيا والآخرة (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) في الدارين (فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) بالإهلاك والتعذيب (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما تضمره الصدور ، ولا يخفى عليه شيء منه ، فمجاز عليه على حسبه ، فضلا عمّا في الظاهر.
(نُمَتِّعُهُمْ) تمتيعا ، أو زمانا (قَلِيلاً) وهو زمان الدنيا ، فإنّ ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) ثمّ نصيّرهم مكرهين (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) يثقل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ. فشبّه إلزامهم التعذيب باضطرار المضطرّ إلى الشيء الّذي لا يقدر على الانفكاك منه. والغلظ : مستعار من الأجرام الغليظة.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) خلقهما ، لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره ، بحيث اضطرّوا إلى إذعانه.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان اعتقادهم (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنّ ذلك يلزمهم.
ثمّ أكّد سبحانه ما تقدّم من خلقه السماوات والأرض بقوله :
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) له جميع ذلك خلقا وملكا ، يتصرّف فيه كما يريده ، وليس لأحد الاعتراض عليه في ذلك ، فلا يستحقّ العبادة فيهما غيره.
(إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن حمد الحامدين ، وعن كلّ شيء (الْحَمِيدُ) المستحقّ للحمد ، وإن لم يحمدوه.