وتنويها بفضله ، وتشريفا بمحلّه ، وتفخيما لشأن التقوى.
والمراد به الأمر بالثبات عليه ، ليكون مانعا له عمّا نهى عنه بقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) كأنّه قال : واظب على ما أنت عليه من التقوى ، واثبت عليه.
ولا تطع الّذين يظهرون الكفر ويبطنونه ، والّذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، فيما يعود بوهن في الدين. ولا تساعدهم على شيء ، ولا تقبل لهم رأيا ولا مشورة ، وجانبهم ، فإنّهم أعداء الله وأعداء المؤمنين ، فلا يريدون إلّا المضارّة والمضادّة.
وروي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وآله لمّا هاجر إلى المدينة ، وكان يحبّ إسلام اليهود ؛ قريظة والنضير وبني قينقاع ، وقد بايعه ناس منهم على النفاق ، فكان يلين لهم جانبه ، ويكرم صغيرهم وكبيرهم ، وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه ، وكان يسمع منهم ، فنهاه الله سبحانه عن ذلك بإنزال هذه السورة.
وقيل : إنّ أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي ، قدموا عليه في الموادعة الّتي كانت بينه وبينهم ، وقام معهم عبد الله بن أبيّ ومعتب بن قشير والجدّ بن قيس. فقالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ارفض ذكر آلهتنا ، وقل : إنّها تشفع وتنفع ، ندعك وربّك. فشقّ ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى المؤمنين ، وهمّوا بقتلهم ، فنزلت. أي : اتّق الله في نقض العهد ونبذ الموادعة ، ولا تطع الكافرين من أهل مكّة ، والمنافقين من أهل المدينة ، فيما طلبوا إليك.
وروي أيضا : أنّ أهل مكّة دعوا رسول الله إلى أن يرجع عن دينه ، ويعطوه شطر أموالهم ، وأن يزوّجه شيبة بن ربيعة بنته ، وخوّفه منافقوا المدينة أنّهم يقتلونه إن لم يرجع ، فنزلت.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بالصواب من الخطأ ، والمصلحة من المفسدة (حَكِيماً) لا يفعل شيئا ولا يحكم به إلّا بما تقتضيه الحكمة.
ولمّا نهاه عن متابعة الكفّار وأهل النفاق ، أمره باتّباع أوامره ونواهيه على