وهب ، ونوفل بن عبد الله ، قد تلبّسوا للقتال ، وخرجوا على خيولهم ، حتّى مرّوا بمنازل بني كنانة ، فقالوا : تهيّأوا للحرب يا بني كنانة ، فستعلمون اليوم من الفرسان.
ثمّ أقبلوا بهم حتّى وقفوا على الخندق ، فقالوا : والله إنّ هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها. ثمّ تيمّموا مكانا ضيّقا من الخندق ، فضربوا خيولهم فاقتحموا ، فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع.
وخرج عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في نفر من المسلمين ، حتّى أخذ عليهم الثغرة الّتي منها اقتحموا. وأقبلت الفرسان نحوهم. وكان عمرو بن عبدودّ فارس قريش ، وكان قد قاتل يوم بدر حتّى أثبته (١) الجراح. فلمّا كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده ، وكان يعدّ بألف فارس. وكان يسمّى فارس يليل ، لأنّه أقبل في ركب من قريش حتّى إذا كانوا بيليل ، وهو واد قريب من بدر ، عرضت لهم بنو بكر في عدد. فقال لأصحابه : امضوا ، فمضوا. فقام في وجوه بني بكر حتّى منعهم من أن يصلوا إليه ، فعرف بذلك. وكان اسم الموضع الّذي حفر فيه الخندق المذاد.
وذكر ابن إسحاق : أنّ عمرو بن عبدودّ كان ينادي : من يبارز؟ فقام عليّ عليهالسلام وهو مقنّع في الحديد ، فقال : أنا له يا نبيّ الله. فقال : إنّه عمرو ، اجلس. ونادى عمرو : ألا رجل! وهو يؤنّبهم ويقول : أين جنّتكم الّتي تزعمون أنّ من قتل منكم دخلها؟ فقام عليّ عليهالسلام فقال : أنا له يا رسول الله. ثمّ نادى الثالثة فقال :
ولقد بححت (٢) من النداء |
|
بجمعكم هل من مبارز |
ووقفت إذ جبن المسجّع |
|
موقف البطل المناجز |
__________________
(١) أي : أوهنه الجراح وضعف حتّى لا يقدر على الحراك.
(٢) البحّة : خشونة وغلظ في الصوت. من : بحّ يبحّ.