وغطفان. فلمّا أيقنوا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير منصرف عنهم حتّى يناجزهم ، قال كعب بن أسد : يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وإنّي عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا أيّها شئتم.
قالوا : ما هنّ؟
قال : نبايع هذا الرجل ونصدّقه. فو الله لقد تبيّن لكم أنّه نبيّ مرسل ، وأنّه الذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم.
فقالوا : لا نفارق حكم التوراة أبدا ، ولا نستبدل به غيره.
قال : فإذا أبيتم عليّ هذا ، فهلمّوا لنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثمّ نخرج إلى محمّد رجالا مصلتين (١) بالسيوف ، ولم نترك وراءنا ثقلا يهمّنا ، حتّى يحكم الله بيننا وبين محمّد. فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا يهمّنا. وإن نظهر لنجدنّ النساء والأبناء.
فقالوا : نقتل هؤلاء المساكين ، فما خير في العيش بعدهم.
قال : فإذا أبيتم عليّ هذا ، فإنّ الليلة ليلة السبت ، وعسى أن يكون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه قد أمنوا فيها ، فانزلوا فلعلّنا نصيب منهم غرّة (٢).
فقالوا : نفسد سبتنا ، ونحدث فيها ما أحدث من كان قبلنا ، فأصابهم ما قد علمت من المسخ.
فقال : ما بات رجل منكم منذ ولدته أمّه ليلة واحدة من الدهر حازما.
قال الزهري : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين سألوه أن يحكّم فيهم رجلا : اختاروا من شئتم من أصحابي. فاختاروا سعد بن معاذ ، فرضي بذلك. فنزلوا على حكم سعد بن معاذ ، ورضوا به.
__________________
(١) أصلت السيف : جرّده من غمده.
(٢) الغرّة : الغفلة.