لم يضعوا السلاح؟ إنّ الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة ، وأنا عامد إليهم ، فإنّ الله تعالى داقّهم دقّ البيض على الصفا (١) ، وإنّهم لكم طعمة ، فأذّن في الناس : أنّ من كان سامعا مطيعا فلا يصلّي العصر إلّا في بني قريظة.
فبعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّ بن أبي طالب على المقدّمة ، ودفع إليه اللواء ، وأمره أن ينطلق حتّى يقف بالأصحاب على حصن بني قريظة ، ففعل.
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على آثارهم ، فمرّ على مجلس من الأنصار في بني غنم ، ينتظرون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فزعموا أنّه قال : مرّ بكم الفارس آنفا؟
فقالوا : مرّ بنا دحية الكلبي على بغلة شهباء ، تحته قطيفة ديباج.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس ذلك بدحية ، ولكنّه جبرئيل عليهالسلام أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ، ويقذف في قلوبهم الرعب.
قالوا : وسار عليّ عليهالسلام حتّى إذا دنا من الحصن ، سمع منهم مقالة قبيحة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرجع حتّى لقي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالطريق ، فقال : يا رسول الله! لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث.
قال : أظنّك سمعت لي منهم أذى؟
فقال : نعم يا رسول الله.
فقال : لو قد رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا. فلمّا دنا رسول الله من حصونهم ، قال : يا إخوة القردة والخنازير هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟
فقالوا : يا أبا القاسم! ما كنت جهولا.
فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتّى أجهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
وكان حييّ بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش
__________________
(١) الصفا جمع الصفاة. وهي : الحجر الضخم.