الجميل الطلاق من غير خصومة ، ولا مشاجرة بين الزوجين.
وبعد نزول هذه الآية خيّرهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاخترنه. فشكر لهنّ الله ذلك.
فأنزل (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) (١) الآية. وتقديم التمتيع على التسريح المسبّب عنه ، من الكرم وحسن الخلق.
(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي : طاعة الله وطاعة رسوله (وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) وثوابها ، والصبر على ضيق العيش في الدنيا (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) يستحقر دونه الدنيا وزينتها.
واختلف العلماء في حكم التخيير على أقوال :
أحدها : أنّ الرجل إذا خيّر امرأته فاختارت زواجها ، فلا شيء. وإن اختارت نفسها ، تقع تطليقة واحدة. وهو قول ابن مسعود. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه.
وثانيها : أنّه إذا اختارت نفسها تقع ثلاث تطليقات. وإن اختارت زوجها تقع واحدة. وهو قول زيد بن ثابت. وإليه ذهب مالك.
وثالثها : أنّه إن نوى الطلاق كان طلاقا ، وإلّا فلا. وهو مذهب الشافعي.
ورابعها : أنّه لا يقع بالتخيير طلاق. وإنّما كان للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة. فلو اخترن أنفسهن لمّا خيرهنّ لبنّ منه. فأمّا غيره فلا يجوز له ذلك. وهو المرويّ عن أئمّتنا عليهمالسلام.
ثمّ خاطب سبحانه نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) بسيّئة بليغة في القبح. وهي الكبيرة. (مُبَيِّنَةٍ) ظاهر فحشها. وقيل : هي عصيانهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو ما يضيق به ذرعه ، ويغتمّ لأجله. ومن قال : الزنا ، فقد أخطأ أفحش الخطأ ، لأنّه سبحانه عاصم ورسوله من ذلك في حديث
__________________
(١) الأحزاب : ٥٢.