وروى محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عليّ بن عبد الله بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، أنّه قال له رجل : إنّكم أهل بيت مغفور لكم. قال : فغضب وقال : «نحن أحرى أن يجرى فينا ما أجرى الله في أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من أن نكون كما تقول. إنّا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر ، ولمسيئنا ضعفين من العذاب. ثمّ قرأ الآيتين».
ثمّ أظهر سبحانه فضيلتهنّ على سائر النسوان بقوله : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) أصل أحد وحد ، بمعنى الواحد ، ثمّ وضع في النفي العامّ ، مستويا فيه المذكّر والمؤنّث ، والواحد والكثير.
والمعنى : لستنّ كجماعة واحدة من جماعات النساء في الفضل ، أي : إذا تقصّيت أمّة النساء جماعة جماعة ، لم توجد منهنّ جماعة واحدة تساويكنّ في الفضل والسابقة. كما قال ابن عبّاس : معناه : ليس قدركنّ عندي كقدر غيركنّ من النساء الصالحات ، أنتنّ أكرم عليّ ، وأنا بكنّ أرحم ، وثوابكنّ أعظم ، لمكانكنّ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (إِنِ اتَّقَيْتُنَ) عن مخالفة حكم الله ورضا رسوله (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) فلا تجئن بقولكنّ خاضعا ليّنا ، أي : لا ترقّقن القول ، ولا تلنّ الكلام للرجال ، ولا تخاطبن الأجانب مخاطبة تؤدّي إلى طمعهم ، فتكنّ كما تفعل المرأة الّتي تظهر الرغبة في الرجال (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) ريبة وفجور (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) حسنا بعيدا عن الريبة ، بريئا من التهمة ، بجدّ وخشونة من غير لينة.
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) من : وقر يقر وقارا ، أو من : قرّ يقرّ. حذفت الأولى من راءي «اقررن» ، ونقلت كسرتها إلى القاف ، فاستغني به عن همزة الوصل ، كما تقول : ظلن. ويؤيّده قراءة نافع وعاصم بالفتح ، من : اقررن. وهو لغة فيه ، كقولك : ظلن. ويحتمل أن يكون من : قارّ يقارّ إذا اجتمع. ومنه : القارّة لاجتماعها.
(وَلا تَبَرَّجْنَ) لا تخرجن (تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) تبرّجا مثل تبرّج النساء