في أيّام الجاهليّة القديمة الّتي يقال لها : الجاهليّة الجهلاء. وهي الزمان الّذي ولد فيه إبراهيم عليهالسلام. كانت المرأة تلبس درعا من اللؤلؤ ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال. وقيل : ما بين آدم ونوح. وقيل : ما بين إدريس ونوح. وقيل : زمن داود وسليمان. والجاهليّة الاخرى ما بين عيسى ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : الجاهليّة الاولى جاهليّة الكفر قبل الإسلام ، والجاهليّة الاخرى جاهليّة الفسوق في الإسلام. والمعنى : لا تظهرن زينتكنّ كما كنّ يظهرن ذلك.
وقيل : التبرّج التبختر والتكبّر في المشي. وقيل : هو أن تلقي الخمار على رأسها ، ولا تشدّه ، فتواري قلائدها وقرطيها (١) ، فيبدو ذلك منها.
(وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) في سائر ما أمر كنّ به ونهاكنّ عنه. أمرهنّ أمرا خاصّا بالصلاة والزكاة ، ثمّ جاء به عامّا في جميع الطاعات ، لأنّ هاتين الطاعتين ـ البدنيّة والماليّة ـ هما أصل الطاعات ، من اعتنى بهما حق اعتنائه جرّتاه إلى ما وراءهما.
ثمّ قال سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الذنب المدنّس لعرضكم (أَهْلَ الْبَيْتِ) نصب على النداء أو المدح. وتعريف البيت لأنّ المراد به بيت النبوّة والرسالة. والعرب تسمّي ما يلتجأ إليه بيتا. ولهذا سمّوا الأنساب بيوتا ، وقالوا : بيوتات العرب ، يريدون النسب. وبيت النبوّة والرسالة كبيت النسب. (وَيُطَهِّرَكُمْ) عن المعاصي (تَطْهِيراً).
استعار للذنوب الرجس ، وللتقوى الطهر ، لأنّ عرض المقترف للمقبّحات يتلوّث بها ويتدنّس ، كما يتلوّث بدنه بالأرجاس. وأمّا المحسّنات فالعرض معها نقيّ مصون ، كالثوب الطاهر. وفي هذه الاستعارة ما ينفّر أولي الألباب عمّا كرهه الله تعالى لعباده ونهاهم عنه ، ويرغبّهم فيما رضيه لهم وأمرهم به.
__________________
(١) القرط : ما يعلّق في شحمة الأذن من درّة ونحوها.