وعن الزجّاج : تقديره : ذا سراج ، والسراج : القرآن ، فحذف المضاف.
ووصفه بالإنارة ، لأنّ من السراج ما لا يضيء إذا قلّ سليطه (١) ودقّت فتيلته.
وفي كلام بعضهم : ثلاثة تصني (٢) : رسول بطيء ، وسراج لا يضيء ، ومائدة ينتظر لها من يجيء.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) على سائر الأمم ، لأنّ أمّته يكونون شهداء على الأمم السابقة جميعا ، أو على جزاء أعمالهم. والفضل ما يتفضّل به عليهم زيادة على الثواب. وإذا كان المتفضّل به كبيرا فما ظنّك بالثواب.
ويجوز أن يريد بالفضل : الثواب ، من قولهم للعطايا : فضول ، وفواضل. ولعلّ ذلك معطوف على محذوف ، مثل : فراقب أحوال أمّتك.
ثمّ هيّجه سبحانه على ما هو عليه من مخالفة الكفر وأهل النفاق بقوله : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) أي : دم على ما كنت عليه من عدم إطاعتهما (وَدَعْ أَذاهُمْ) إيذاءهم إيّاك ، ولا تحتفل به. أو إيذاءك إيّاهم مجازاة أو مؤاخذة على كفرهم. ولذلك نقل عن ابن عبّاس : أنّه منسوخ. وعن الكلبي : معناه : كفّ عن إيذائهم وقتالهم قبل أن تؤمر بالقتال. (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وأسند أمرك إلى الله بنصرك عليهم ، فإنّه يكفيكهم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) موكولا إليه الأمور في الأحوال كلّها.
واعلم أنّه سبحانه وصف رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بخمس صفات ، قابل كلّا منها بخطاب يناسبه ، فحذف مقابل الشاهد ، وهو الأمر بالمراقبة ، لأنّ ما بعده كالتفصيل له.
وقابل المبشّر بالأمر ببشارة المؤمنين. والنذير بالنهي عن مراقبة الكفّار والمبالاة بأذاهم. والداعي إلى الله بتيسيره بالأمر بالتوكّل عليه. والسراج المنير بالاكتفاء به ،
__________________
(١) السليط : الزيت الجيّد ، وكلّ دهن عصر من حبّ.
(٢) أي : تثقل.