كقولنا : اللهمّ صلّ على آل محمّد ، بل الواحد منهم لا غير ، أم لا؟ قال أصحابنا بجواز ذلك. وقال الجمهور بكراهيته ، لأنّ الصلاة على النبيّ صارت شعارا له ، فلا تطلق على غيره ، ولإيهامه الرفض.
والحقّ ما قاله الأصحاب لوجوه :
الأوّل : قوله تعالى مخاطبا للمؤمنين كافّة : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) (١). وهو نصّ في الباب.
الثاني : قوله : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) (٢). ولا ريب أنّ أهل البيت أصيبوا بأعظم المصائب ، الّتي من جملتها غصب مقام إمامتهم منهم.
والثالث : أنّه لمّا أتى أبو أوفى زكاته ، قال النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ صلّ على أبي أوفى وآل أبي أوفى.
فيجوز على أهل البيت بطريق أولى.
الرابع : إنّ الصلاة من الله بمعنى الرحمة ، ويجوز الرحمة عليهم إجماعا ، فيجوز مرادفها ، لما تقرّر في الأصول أنّه يجوز إقامة أحد المترادفين مقام الآخر.
الخامس : قولهم : إنّها صارت شعارا للرسول ، فلا تطلق على غيره. فاسد ، لأنّها كما دلّت على الاعتناء برفع شأنه ، كذلك تدلّ على الاعتناء برفع شأن أهله القائمين مقامه. ويكون الفرق بينهم وبينه : وجوبها في حقّه كلّما ذكر كما قيل ، أو تأكيد استحباب في قول آخر.
السادس : إنّ قولهم : إنّ ذلك يوهم الرفض ، محض تعصّب وعناد. نظير قولهم : من السنّة تسطيح القبور ، لكن لمّا اتّخذته الرفضة شعارا لقبورهم عدلنا عنه إلى التسنيم. فعلى هذا كان يجب عليهم أنّ كلّ مسألة قالت بها الإماميّة أن يفتوا
__________________
(١) الأحزاب : ٤٣.
(٢) البقرة : ١٥٦ ـ ١٥٧.