وتقديم الظرف للدلالة على البعد والمبالغة فيه. وعامله محذوف ، دلّ عليه ما بعده ، فإنّ ما قبله لم يقارنه ، وما بعده مضاف إليه ، أو محجوب بينه وبينه بـ «إنّ».
و «ممزّق» يحتمل أن يكون مكانا ، بمعنى : إذا مزّقتم ، وذهب بكم السيول كلّ مذهب ، وطرحتكم الرياح كلّ مطرح.
و «جديد» عند البصريّين بمعنى فاعل ، من : جدّ فهو جديد ، كحديد من : حدّ ، وقليل من : قلّ. وعند الكوفيّين بمعنى مفعول ، من : جدّ النسّاج الثوب إذا قطعه.
(أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) حيث زعم أنّا نبعث بعد الموت. وهو استفهام تعجّب وإنكار. (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) جنون يوهمه ذلك ، ويلقيه على لسانه ، ولا يعلم ما يقول.
وإسقاط همزة الوصل في «افترى» وإثباتها في نحو : آلسحر ، خوف التباس الاستفهام بالخبر في الثاني ، لكون همزته مفتوحة كهمزة الاستفهام ، بخلاف الأوّل ، فإنّ همزة الوصل فيه مكسورة ، تقديره : أافترى.
واستدلال من جعل بين الصدق والكذب واسطة ، بجعلهم إيّاه قسيم الافتراء غير معتقدين صدقه ، على أنّ بين الصدق والكذب واسطة ، وهو كلّ خبر لا يكون عن بصيرة بالمخبر عنه. ضعيف بيّن الضعف ، لأنّ الافتراء أخصّ من الكذب ، لأنّه كذب عن عمد ، ولا عمد للمجنون ، فلا يكون الثاني قسيما للكذب مطلقا ، بل لما هو أخصّ منه ، أعني : الافتراء. فيكون حصرا للخبر الكاذب بزعمهم في نوعيه ، أعني : الكذب عن عمد ، والكذب لا عن عمد.
ثمّ ردّ الله عليهم ترديدهم ، وأثبت لهم ما هو أفظع من القسمين ، وهو الضلال البعيد عن الصواب ، بحيث لا يرجى الخلاص منه ، وما هو مؤدّاه من العذاب ، فقال :
(بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) جعل العذاب