(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) جعلناه في يده كالشمع والعجين ، يصرفه بيده كيف يشاء ، من غير إحماء وطرق بالآلة. وقيل : لان الحديد في يده لما أوتي من شدّة القوّة.
(أَنِ اعْمَلْ) أمرناه أن اعمل. و «أن» مفسّرة ، أو مصدريّة. (سابِغاتٍ) دروعا واسعات (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) وعدّل في نسجها ، بحيث يتناسب حلقها. ومن قال : إنّ معناه : قدّر مساميرها ، فلا تجعلها دقاقا فتقلق (١) ، ولا غلاظا فتنخرق. لا يخلو كلامه من ضعف ، لأنّ دروعه لم تكن مسمّرة. ويؤيّده قوله : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ).
وهو عليهالسلام أوّل من اتّخذ الدروع ، وكانت قبل صفائح.
وقيل : كان يبيع الدرع بأربعة آلاف ، فينفق منها على نفسه وعياله ، ويتصدّق على الفقراء.
وقيل : كان يخرج من البيت وهو ملك بني إسرائيل متنكّرا ، فيسأل الناس عن نفسه ويقول لهم : ما تقولون في داود؟ فيثنون عليه. فقيّض الله له ملكا في صورة آدميّ ، فسأله على عادته ، فقال : نعم الرجل لولا خصلة فيه. فريع (٢) داود ، فسأله؟
فقال : لولا أنّه يطعم ويطعم عياله من بيت المال. فحزن لذلك ، فعلّمه الله صنعة الدروع.
وعن الصادق عليهالسلام : «أنّ الله تعالى أوحى إلى داود : نعم العبد أنت لولا أنّك تأكل من بيت المال! فبكى داود أربعين صباحا ، فألان الله له الحديد. وكان يعمل كلّ يوم درعا ، فيبيعها بألف درهم. فعمل ثلاثمائة وستّين درعا ، فباعها بثلاثمائة وستّين ألفا ، فاستغنى عن بيت المال».
(وَاعْمَلُوا صالِحاً) الضمير لداود وأهله ، أي : اعمل أنت وأهلك الأعمال الصالحة ، شكرا لله على عظيم نعمه (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فأجازيكم عليه.
__________________
(١) أي : تتحرّك وتضطرب.
(٢) أي : فزع. يقال : ريع فلان : فزع. من : راع يروع روعا.