والمعنى : من أراد العزّة فليتعزّز بطاعة الله ، فإنّ الله تعالى يعزّه.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ ربّكم يقول كلّ يوم : أنا العزيز ، فمن أراد عزّ الدارين فليطع العزيز».
ثمّ عرّف أنّ ما تطلب به العزّة هو الإيمان والعمل الصالح بقوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) وهو كلمة التوحيد (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) الضمير المستكن للكلم ، فإنّ العمل الصالح لا يقبل إلّا بالتوحيد. وصعودهما إليه مجاز عن قبوله إيّاهما ، فإنّ كلّ ما يتقبّله الله سبحانه من الطاعات ، يكتبه الملائكة إلى حيث شاء الله.
وقيل : الكلم الطيّب يتناول جميع أقسام الذكر ، من التكبير ، والتسبيح والتهليل والتحميد ، وغيرها ، من قراءة القرآن والدعاء والاستغفار.
وعنه عليهالسلام : «هو : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر. إذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء ، فحيّا بها وجه الرحمن. وإذا لم يكن عمل صالح لم يقبل منه».
وفي الحديث : «لا يقبل الله قولا إلّا بعمل ، ولا يقبل قولا ولا عملا إلّا بنيّة ، ولا يقبل قولا وعملا ونيّة إلّا بإصابة السنّة».
وكذا نقل عن ابن عبّاس أنّ معنى الآية : إنّ هذه الكلم لا تقبل ، ولا تصعد إلى السماء ، فتكتب حيث تكتب الأعمال المقبولة ، كما قال عزوجل : (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (١) إلّا إذا اقترن بها العمل الصالح الّذي يحقّقها ويصدّقها ، فرفعها وأصعدها. وعن ابن المقفّع : قول بلا عمل كثريد بلا دسم ، وسحاب بلا مطر.
(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) أي : المكرات السيّئات. فالسيّئات صفة للمصدر ، لا أنّه مفعول به ، لأنّ المكر غير متعدّ ، فلا يقال : مكر فلان عمله. وعنى
__________________
(١) المطفّفين : ١٨.