الصدقة والصلة تعمران الديار ، وتزيدان في الأعمار».
وعن سعيد بن جبير : يكتب في الصحيفة : عمره كذا وكذا سنة. ثمّ يكتب في أسفل ذلك : ذهب يوم ، ذهب يومان ، حتّى يأتي على آخر عمره.
وعن قتادة : المعمّر من بلغ ستّين ، والمنقوص من عمره من يموت قبله.
وقيل : المراد بالنقصان ما يمرّ من عمره وينقص ، فإنّه يكتب في صحيفة عمره يوما فيوما. فالنقصان على ثلاثة أوجه : إمّا أن يكون من عمر المعمّر ، أو من عمر معمّر آخر ، أو يكون بشرط.
وعن يعقوب : ولا ينقص ، على بناء الفاعل ، أي : ولا ينقص الله من عمره.
(إِلَّا فِي كِتابٍ) في علم الله ، أو اللوح ، أو صحيفة الإنسان (إِنَّ ذلِكَ) إشارة إلى الحفظ ، أو الزيادة ، أو النقص (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) سهل ، غير متعذّر ولا متعسّر.
ثمّ ضرب البحرين ـ العذب والمالح ـ مثلين للمؤمن والكافر ، فقال :
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ) وهو الّذي يكسر العطش (سائِغٌ شَرابُهُ) وهو الّذي يسهل انحداره لعذوبته (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) وهو الّذي يحرق بشدّة ملوحته.
ثمّ قال على سبيل الاستطراد في صفة البحرين ، وما فيهما من النعم العظيمة :
(وَمِنْ كُلٍ) ومن كلّ واحد منهما (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) وهو السمك (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) وهي اللؤلؤ والمرجان.
ويحتمل أن يحمل هذا على غير طريقة الاستطراد ، بأن يجعل من تتمّة التمثيل ، فيشبّه الجنسين بالبحرين ، ثمّ يفضّل البحر الأجاج على الكافر ، بأنّه قد شارك العذب في منافع ، من السمك واللؤلؤ وجري الفلك فيه ، والكافر خلو من النفع. فهو في طريقة قوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً»). ثم قال : («وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ