ثمّ بيّن قدرته التّامّة بقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) أجناسها ، من الرمّان والتفّاح والتين والعنب ، وغيرها ممّا لا يحصى. أو أصنافها ، على أنّ كلّا منها ذو أصناف مختلفة. أو هيئاتها ، من الصفرة والخضرة ونحوهما.
(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) ذو جدد ، أي : خطط وطرائق. يقال : جدّة الحمار للخطّة السوداء على ظهره. وقد يكون للظبي جدّتان مستكنتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه. (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) بالشدّة والضعف.
(وَغَرابِيبُ سُودٌ) عطف على «بيض» أو على «جدد». كأنّه قيل : ومن الجبال ذو جدد مختلفة اللون ، ومنها غرابيب
متّحدة اللون. وهو تأكيد مضمر يفسّره ما بعده ، فإنّ الغربيب تأكيد للأسود ، ومن حقّ التأكيد أن يتبع المؤكّد. وفي مثله مزيد تأكيد ، لما فيه من التكرير باعتبار الإضمار والإظهار جميعا. ونظير ذلك قول النابغة :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها |
|
ركبان مكّة بين الغيل والسلم |
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِ) الّتي تدبّ على وجه الأرض (وَالْأَنْعامِ) كالإبل والبقرة والغنم (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) أي : كاختلاف الثمار والجبال.
ولمّا قال : «ألم تر» بمعنى : ألم تعلم أنّ الله أنزل من السماء ماء ، وعدّد آيات الله وأعلام قدرته وآثار صنعه ، وما خلق من الفطر المختلفة الأجناس ، وما يستدلّ به عليه وعلى صفاته ، أتبع ذلك قوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) كأنّه قال : إنّما يخشاه مثلك ، ومن كان على صفتك ممّن عرفه حقّ معرفته ، وعلمه كنه علمه ، إذ شرط الخشية معرفة المخشيّ ، والعلم بصفاته وأفعاله. فمن كان أعلم به كان أخشى منه ، ومن كان علمه أقلّ كان آمن.
وفي الحديث : «أعلمكم بالله أشدّكم له خشية». ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي