بعد اقتصاص حال المكذّبين.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) كيف اتّفق من غير قصد إليهما. وقيل : السرّ في السنّة المسنونة ، والعلانية في المفروضة.
عن عبد الله بن عبيد بن عمر الليثي قال : «قام رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله! مالي لا أحبّ الموت؟ قال : ألك مال؟ قال : نعم. قال : فقدّمه. قال : لا أستطيع. قال : فإنّ قلب الرجل مع ماله ، إن قدّمه أحبّ أن يلحق به ، وإن أخّره أحبّ أن يتأخّر معه».
(يَرْجُونَ تِجارَةً) تحصيل ثواب الطاعة. وهو خبر «إنّ». (لَنْ تَبُورَ) لن تكسر ولن تهلك بالخسران. صفة للتجارة.
وقوله : (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) متعلّق بـ «لن تبور» أي : ينتفي عنها الكساد ، وتنفق (١) عند الله ، ليوفّيهم بنفاقها عنده أجور أعمالهم ، وهي ما استحقّوه من الثواب (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) على ما يقابل أعمالهم.
روى ابن مسعود عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال في قوله : (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : «هو الشفاعة لمن وجبت له النار ، ممّن صنع إليه معروفا في الدنيا».
(إِنَّهُ غَفُورٌ) لفرطاتهم (شَكُورٌ) لطاعتهم ، أي : مجازيهم. وهو علّة للتوفية والزيادة. أو خبر «إنّ» ، و «يرجون» حال من واو «وأنفقوا» أي : راجين بذلك تجارة لن تكسد ولن تفسد.
(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا
__________________
(١) نفقت التجارة : راجت.