وعن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليهالسلام : «أمّا الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملا صالحا وآخر سيّئا. وأمّا المقتصد فهو المتعبّد المجتهد. وأمّا السابق بالخيرات فعليّ والحسن والحسين ، ومن قتل من آل محمّد شهيدا».
وعن قتادة : الظالم لنفسه أصحاب المشأمة. والمقتصد أصحاب الميمنة.
والسابق هم السابقون المقرّبون من الناس كلّهم. كما قال سبحانه : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) (١).
وقال عكرمة ، عن ابن عبّاس : إنّ الظالم هو المنافق. والمقتصد والسابق من جميع الناس.
وروي أيضا : أنّ الفرقة الظالم لنفسها غير ناجية.
وتقديم الظالم لكثرة الظالمين ، وقلّة المقتصدين بالإضافة إليهم. والسابقين أقلّ القليل.
وقيل : إنّما قدّم الظالم لئلّا ييأس من رحمته ، وأخّر السابق لئلّا يعجب بعلمه.
ولأنّ الظلم متضمّن الجهل والركون إلى الهوى ، وهو مقتضى الجبلّة ، والاقتصاد والسبق عارضان.
وقيل : إنّما رتّبهم هذا الرتيب على مقامات الناس ، لأنّ أحوال العباد ثلاث : معصية وغفلة ، ثمّ التوبة ، ثمّ القربة. فإذا عصى فهو ظالم. وإذا تاب فهو مقتصد. وإذا صحّت توبته ، وكثرت مجاهدته ، اتّصل بالله ، وصار من جملة السابقين.
(بِإِذْنِ اللهِ) بأمره وتوفيقه ولطفه (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) إشارة إلى التوريث ، أو الاصطفاء ، أو السبق.
ثمّ فسّر الفضل ، فقال على وجه الاستئناف : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) كأنّه قيل : ما ذلك الفضل؟ فقال : هي جنّات عدن. أو «جنّات» مبتدأ ، خبره
__________________
(١) الواقعة : ٧.