ثمّ استشهد عليهم بما كانوا يشاهدونه في مسايرهم إلى الشام واليمن والعراق ، من آثار الماضين ، وعلامات هلاكهم ودمارهم ، بقوله :
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) في مسايرهم ومتاجرهم في رحلهم إلى الشام واليمن (فَيَنْظُرُوا) في علامات الهلاك (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) مثل عاد وثمود وقوم لوط ، فيعتبروا بهم (وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) ليسبقه ويفوته (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً) بالأشياء كلّها (قَدِيراً) عليها.
ثمّ منّ الله سبحانه على خلقه بتأخيره العقاب عنهم ، فقال :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا) من الشرك والمعاصي (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) ظهر الأرض (مِنْ دَابَّةٍ) من نسمة تدبّ عليها بشؤم معاصيهم.
وعن ابن مسعود : كاد الجعل يعذّب في جحره بذنب ابن آدم. ثمّ تلا هذه الآية.
وعن أنس : إنّ الضبّ ليموت في جحره بذنب بني آدم.
وقيل : يحبس المطر ، فيهلك كلّ شيء.
وقيل : المراد بالدابّة الإنس وحده ، لقوله : (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو يوم القيامة (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) فيجازيهم على أعمالهم. وهذا وعيد بالجزاء.