عندهم ، فقال :
(وَاضْرِبْ لَهُمْ) ومثّل لهم. من قولهم : هذه الأشياء على ضرب واحد ، أي : مثال واحد. وعندي من هذا الضرب كذا ، أي : هذا المثال. وهو يتعدّى إلى مفعولين ، لتضمّنه معنى الجعل. وهما : (مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) على حذف المضاف ، أي : اجعل لهم مثلا مثل أصحاب القرية ، أي : قصّة عجيبة قصّة أصحاب القرية. ويجوز أن يقتصر على واحد ، ويجعل المقدّر بدلا من الملفوظ ، أو بيانا له. والقرية : أنطاكية.
(إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) بدل من «أصحاب القرية». والمرسلون رسل عيسى عليهالسلام إلى أهلها. وإسناده إلى نفسه في قوله : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) لأنّه فعل رسوله وخليفته. وهما يحيى ويونس. وقيل : غيرهما.
(فَكَذَّبُوهُما) ضربوهما ، وسجنوهما (فَعَزَّزْنا) فقوّينا. يقال : المطر يعزّز الأرض ، إذا لبّدها (١) وشدّها. وتعزّز لحم الناقة ، إذا اشتدّ وتصلّب. وقرأ أبو بكر مخفّفا ، من : عزه إذا غلبه. وحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه. ولأنّ المقصود ذكر المعزّز به ، وهو قوله : (بِثالِثٍ) برسول ثالث. وهو شمعون. وعن شعبة : اسم المرسلين : شمعون ، ويوحنّا ، واسم الثالث بولس. وعن ابن عبّاس وكعب : صادق ، وصدوق ، والثالث سلوم. والأوّل قول الأكثر.
(فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) من عند عيسى ، لندعوكم إلى التوحيد ، وننهاكم عن عبادة الأوثان.
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) لا مزيّة لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدّعون ، فلا تصلحون للرسالة ، كما لا نصلح نحن لها. وإنّما رفع «بشر» هنا ونصب
__________________
(١) لبّد المطر الأرض : رشّها.