وقيل : وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب أم لا؟
وأصل «يخصّمون» يختصمون ، فأسكنت التاء وأدغمت ، ثمّ كسرت الخاء ، لالتقاء الساكنين.
وروي عن أبي بكر بكسر الياء ، للإتباع. وقرأ ابن كثير وورش وهشام بفتح الخاء ، على إلقاء حركة التاء إليه. وأبو عمرو وقالون به مع الاختلاس (١). وعن نافع الفتح فيه والإسكان والتشديد. وكأنّه جوّز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني مدغما. وقرأ حمزة : يخصمون ، من : خصمه إذا جادله.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) في شيء من أمورهم (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) ولا يقدرون على الرجوع إلى منازلهم وأهاليهم ، فيروا أحوالهم ، بل يموتون حيث تفاجئهم الصيحة.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أي : مرّة ثانية. وقد سبق تفسيره في سورة المؤمنين (٢).
(فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ) من القبور. جمع جدث. (إِلى رَبِّهِمْ) إلى الموضع الّذي يحكم الله فيه ، لا حكم لغيره هناك (يَنْسِلُونَ) يسرعون.
فلمّا رأوا أهوال القيامة (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) من منامنا الّذي كنّا فيه. وفيه ترشيح ورمز وإشعار بأنّهم لاختلاط عقولهم يظنّون أنّهم كانوا نياما.
وقيل : إنّهم لمّا عاينوا أهوال القيامة ، عدّوا أحوالهم في قبورهم بالإضافة إلى تلك الأهوال رقادا. وسكت حفص على «مرقدنا» سكتة لطيفة. ووقف غيره عليه.
(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) مبتدأ وخبر. و «ما» مصدريّة. أو موصولة محذوفة الراجع ، أي : هذا الّذي وعده الرحمن والّذي صدّقه المرسلون صدقوا فيه. من
__________________
(١) اختلس القارئ الحركة : لم يبلّغها. ويقابله الإشباع. وهو : تبليغ الحركة حتّى تصير حرف مدّ.
(٢) راجع ج ٤ ص ٤٦٦ ، ذيل الآية (١٠١) من سورة المؤمنون.