شيطان ، كأنّه رأس شيطان. كما أنّهم اعتقدوا في الملك أنّه خير محض لا شرّ فيه ، فشبّهوا به الصور الحسنة. قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١). وهو تشبيه بالمتخيّل. وقيل : الشياطين حيّات هائلة قبيحة المنظر جدّا ، لها أعراف (٢) ، ولعلّها سمّيت بها لذلك.
(فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها) من الشجرة ، أو من طلعها (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) لما يغلبهم من الجوع الشديد ، أو يقسرون على أكلها ، فيكون بابا من العذاب.
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها) أي : بعد ما شبعوا منها ، وغلبهم العطش فاستسقوا (لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) لشرابا من غسّاق ، أو صديد مشوبا بماء حميم يقطع أمعاءهم.
وحرف التراخي للإشعار بأنّهم يملؤن البطون من شجر الزقّوم ، وهو حارّ يحرق بطونهم ، ويعطشون به ، فلا يسقون إلّا بعد أن يملؤن البطون من الزقّوم المرّ ، تعذيبا بذلك العطش ، ثمّ يسقون ما هو أحرّ ، وهو الشراب المشوب بالحميم.
روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ الله يجوّعهم حتّى ينسوا عذاب النار من شدّة الجوع ، فيصرخون إلى مالك ، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحارّ الّذي بلغ نهايته في الحرارة ، فإذا قرّبوها من وجوههم شوت وجوههم. فذلك قوله : (يَشْوِي الْوُجُوهَ) (٣).
فإذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم ، كما قال سبحانه : (يُصْهَرُ) (٤) (بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) (٥) فذلك طعامهم وشرابهم.
(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) مصيرهم (لَإِلَى الْجَحِيمِ) إلى دركاتها أو إلى نفسها ، فإنّ
__________________
(١) يوسف : ٣١.
(٢) الأعراف جمع العرف ، وهو الشعر النابت في محدّب رقبة الفرس ، ولحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك.
(٣) الكهف : ٢٩.
(٤) في هامش النسخة الخطيّة : «يصهر : يذاب. من الصهر ، وهو إذابة الشيء. منه».
(٥) الحجّ : ٢٠.