المكذّبين. وكان بينهما ألفان وستّمائة وأربعون سنة ، وبينهما نبيّان : هود وصالح.
(إِذْ جاءَ رَبَّهُ) متعلّق بما في الشيعة من معنى المشايعة ، أي : ممّن شايعه في دين الإسلام حين جاء ربّه بقلب سليم لإبراهيم عليهالسلام. أو بمحذوف هو : اذكر.
(بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) خالص من الشرك ، بريء من المعاصي والغلّ والغشّ. على ذلك عاش ، وعليه مات. وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «بقلب سليم من كلّ ما سوى الله تعالى ، لم يتعلّق بشيء غيره».
وقيل : حزين ، من السليم بمعنى اللديغ. ومعنى المجيء به ربّه إخلاصه له ، كأنّه جاء به متحفا إيّاه.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) لمربّيه الّذي هو بمنزلة أبيه (وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) بدل من الاولى. أو ظرف لـ «جاء» أو لـ «سليم» ، أي : حين رآهم يعبدون الأصنام من دون الله عزوجل ، قال على وجه التهجين لفعالهم والتقريع لهم ، أي : أيّ شيء تعبدون؟
(أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) أي : أتريدون آلهة دون الله إفكا؟ فقدّم المفعول للعناية ، ثمّ المفعول له ، لأنّ الأهمّ أن يقرّر أنّهم على الباطل ، ومبنى أمرهم على الإفك. ويجوز أن يكون «إفكا» مفعولا به ، و «آلهة» بدلا منه ، على أنّها إفك في نفسها للمبالغة. والإفك هو أشنع الكذب وأفظعه. وأصله قلب الشيء عن جهته الّتي هي له ، فلذلك كان الكذب إفكا.
وإنّما قال : «آلهة» على اعتقاد المشركين ، وتوهّمهم الفاسد في إلهيّة الأصنام ، لمّا اعتقدوا أنّها تستحقّ العبادة. ثمّ أكّد التقريع بقوله : «دون الله». أو المراد بها عبادتها ، أي : أتريدون عبادة آلهة دون عبادة الرحمان؟ فحذف المضاف ، وأقام المضاف إليه مقامه ، لأنّ الإرادة لا يصحّ تعلّقها إلّا بما يصحّ حدوثه ، والأجسام ممّا لا يصحّ أن تراد. ويجوز أن يكون «إفكا» حالا. يعني : أتريدون آلهة من دون الله آفكين؟
(فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) بمن هو حقيق بالعبادة ، لكونه ربّا للعالمين ، حتّى