على حلقه مرارا فلم تقطع.
وجواب «لمّا» محذوف ، تقديره : قد صدّقت الرؤيا كان ما كان ممّا لا يحيط به الوصف ، من استبشارهما وشكرهما لله على ما أنعم عليهما من دفع البلاء بعد حلوله ، والتوفيق بما لم يوفّق غيرهما لمثله ، وإظهار فضلهما به على العالمين ، مع إحراز الثواب العظيم.
ثمّ علّل إفراج تلك الشدّة عنهما ، والظفر بالبغية عند اليأس ، بإحسانهما ، فقال : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي : كما جزيناهما بالإخراج عن البلاء العظيم ، وإعطاء الثواب الجزيل ، نجزي من سلك طريقهما في الإحسان بالاستسلام ، والانقياد لأمر الله.
واحتجّ به من جوّز النسخ قبل وقوعه ، فإنّه عليهالسلام كان مأمورا بالذبح ، لقوله : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) ولم يحصل.
وأجيب عن ذلك بأنّه سبحانه لم يأمر إبراهيم بالذبح الّذي هو فري الأوداج ، وإنّما أمره بمقدّمات الذبح ، من الإضجاع وتناول المدية ، وما يجري مجرى ذلك.
والعرب قد تسمّي الشيء باسم مقدّماته. أو أنّه أمر بصورة الذبح ، وقد فعله ، لأنّه فرى أوداج ابنه ، ولكنّه كلّما فرى جزءا منه وجاوز إلى غيره عاد في الحال ملتحما.
أو أنّه أمره بالذبح ، إلّا أنّه سبحانه جعل على عنقه صفحة من نحاس ، فكلّما أمرّ إبراهيم السكّين عليه لم يقطع ، أو كان كلّما اعتمد على السكّين انقلب ، على اختلاف الرواية فيه.
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) الامتحان البيّن والاختبار الظاهر الّذي يتميّز فيه المخلص من غيره. أو المحنة البيّنة الصعوبة ، فإنّه لا محنة أصعب منها.
(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ) أي : جعلنا الذبح بدلا عنه ، كالأسير يفدى بشيء ، فإنّ الفداء جعل الشيء مكان الشيء لرفع الضرر عنه. والذبح : اسم ما يذبح. والمعنى :