ثمّ أقفاهما بقصّة إلياس فقال : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) هو الياس بن ياسين سبط هارون أخي موسى ، بعث بعده. وقيل : هو إدريس. ويؤيّده ما وقع في قراءة أبيّ ومصحف ابن مسعود : وإنّ إدريس. وعن وهب : أنّه ذو الكفل. والأوّل أشهر.
وقيل : إنّ إلياس استخلف اليسع ابن عمّه على بني إسرائيل ، ورفعه الله تعالى من بين أظهرهم ، وكساه الريش ، وقطع عنه لذّة الطعام والشراب ، فصار إنسيّا ملكيّا ، أرضيّا سماويّا. وسلّط الله على الملك وقومه عدوّا لهم ، فقتل الملك وامرأته ، وبعث الله اليسع رسولا ، فآمنت به بنو إسرائيل.
وقيل : إلياس صاحب البراري ، والخضر صاحب الجزائر ، ويجتمعان كلّ يوم عرفة بعرفات.
وقيل : إنّه بعث بعد حزقيل لمّا عظمت الأحداث في بني إسرائيل. وكان يوشع لمّا فتح الشام بوّأها (١) بني إسرائيل ، وقسّمها بينهم ، فأحلّ سبطا منهم ببعلبك ، وهم سبط إلياس ، فبعث فيهم نبيّا إليهم ، فأجابه الملك. ثمّ إنّ امرأته حملته على أن ارتدّ وخالف إلياس ، وطلبه ليقتله ، فهرب إلى الجبال والبراري. وقرأ ابن ذكوان مع خلاف عنه بحذف همزة إلياس.
(إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) عذاب الله (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) أتعبدونه؟ أو أتطلبون الخير منه؟ وهو اسم صنم كان لأهل «بك» من الشام ، وهو البلد الّذي يقال له الآن : بعلبك. وقيل : كان من ذهب ، وكان طوله عشرين ذراعا ، وله اربعة أوجه. فعظّموه حتّى أخدموه أربعمائة سادن (٢) ، وجعلوهم أنبياءه. فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلّم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ، ويعلّمونها الناس.
__________________
(١) أي : هيّأها لهم وأنزلهم فيها.
(٢) السادن : خادم الكعبة أو بيت الصنم.