معرفته بالعقل الصرف. مع ما فيه من الاستهزاء ، والإشعار بأنّهم لفرط جهلهم يقطعون به ، كأنّهم قد شاهدوا خلقهم.
(أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللهُ) لعدم ما يقتضيه ، وقيام ما ينفيه (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما يتديّنون به (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) استفهام إنكار واستبعاد.
وأسقطت همزة الوصل ، تقديره : أأصطفي؟ والاصطفاء أخذ صفوة الشيء. وعن نافع برواية ورش : كسر الهمزة ، على حذف حرف الاستفهام ، لدلالة «أم» بعدها عليها. أو على الإثبات بإضمار القول ، أي : لكاذبون في قولهم : اصطفى البنات. أو إبداله من «ولد الله».
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) بما لا يرتضيه عقل (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أنّه منزّه عن ذلك ، فتنتهون عن مثل هذا القول (أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) حجّة واضحة نزلت عليكم من السماء بأنّ الملائكة بناته. وهذا كلّه إنكار في صورة الاستفهام.
(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) الّذي أنزل عليكم في ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم. والمراد أنّه لا دليل لكم على ما تقولونه من جهة العقل ، ولا من جهة السمع. وهذه الآيات صادرة عن سخط عظيم ، وإنكار فظيع ، واستبعاد لأقاويلهم شديد.
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ) أي : الملائكة (نَسَباً) يعني : جعلوا بما قالوا نسبة بين الله وبينهم ، وأثبتوا له بذلك جنسيّة جامعة له وللملائكة. وذكر الملائكة باسم جنسهم ، وضعا منهم أن يبلغوا هذه المرتبة. مع أنّ فيه إشارة إلى أنّ من صفته الاجتنان والاستتار ، لا يصلح أن يناسب من لا يجوز عليه ذلك.
وقيل : قالوا إن الله صاهر الجنّ فخرجت الملائكة.
وقيل : قالت الزنادقة : إنّ الله والشيطان أخوان ، وإنّ الله خالق الخير ، وإبليس خالق الشرّ.