الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) باعتبار الغالب. وإنّما سمّاها كلمة ، وهي كلمات ، لانتظامها في معنى واحد.
وعن الحسن : المراد بالآية نصرتهم بالحرب ، فإنّه لم يقتل نبيّ من الأنبياء قطّ في الحرب ، وإنّما قتل من قتل منهم غيلة ، أو على وجه آخر في غير الحرب.
وإن مات نبيّ قبل النصرة أو قتل فقد أجرى الله تعالى العادة بأن ينصر قومه من بعده ، فيكون في نصرة قومه نصرة له. فقد تحقّق قوله : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ).
وعن ابن عبّاس : إن لم ينصروا في الدنيا نصروا في الآخرة. قال السدّي : المراد بالآية النصر بالحجّة.
ثمّ قال لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) فأعرض (حَتَّى حِينٍ) هو الموعد لنصرك عليهم. وهو يوم بدر. وقيل : يوم الفتح. وقيل : إلى يوم القيامة.
(وَأَبْصِرْهُمْ) على ما ينالهم حينئذ من الأسر والقتل والعذاب في الآخرة. والمراد بالأمر بإبصارهم على الحالة المنتظرة الموعودة ، الدلالة على أنّها كائنة الوقوع لا محالة ، كأنّها قدّامه. وفيه تسلية له ، وتنفيس عنه. (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) ما قضينا لك من التأييد والنصرة والثواب في الآخرة. و «سوف» للوعيد لا للتبعيد. وفي هذا إخبار بالغيب ، فوافق المخبر الخبر.
روي أنّه لمّا نزل : (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) قالوا : متى هذا؟ استهزاء. فنزلت : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) ولمّا كانت العرب تفاجئ أعداءها بالغارة صباحا ، أخرج الله سبحانه الكلام على عادتهم ، فقال : (فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ) فإذا نزل العذاب بفنائهم. شبّهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة. وقيل : ضمير «نزل» للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. (فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) فبئس الصباح صباح من خوّفوا وحذّروا فلم يخافوا ولم يحذروا. واللام للجنس. والصباح مستعار من صباح الجيش المبيّت لوقت نزول العذاب. ولمّا كثر فيهم الهجوم والغارة في الصباح ، سمّوا الغارة صباحا